مساحة اعلانية

موضوع عشوائي

آخر المواضيع

الخلاف حول مصطلح التأصيل الإسلامي

التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية ((1))*
تعددت المصطلحات التي استخدمها الباحثون في التعبير عن إعادة صياغة علم النفس (أو غيره من العلوم الإنسانية) صياغة إسلامية وسنتكلم فيما يلي عنها بشيء من الإيجاز:
علم النفس الإسلامي:
من أوائل من استخدم مصطلح (علم النفس الإسلامي) محمد عثمان نجاتي في كتابه ”الإدراك الحسي عند ابن سينا” المنشور عام 1948م ، إلا أنه لم يذكر تعريفا واضحا للمصطلح، وأول من حاول تعريف هذا المصطلح هو أحمد فؤاد الأهواني في تقديمه لكتاب عبدالكريم العثمان ”الدراسات النفسية عند المسلمين” المنشور عام 1382هـ/1963م والمعنى الذي قصده الأهواني في مقدمته مرفوض عند كثير من الباحثين، ولاسيما بعد تطور مفهوم علم النفس الإسلامي .
كما أن بعض الباحثين ينازع في صفة ”الإسلامي” فلا يرى أن تضاف إلى علم النفس، ولامعنى عندهم لتخصيص هذا الفرع من فروع المعرفة بالإسلام! ويرون أن هذا المصطلح يلزم منه وصف المعارف الأخرى بالكافرة!! ويرى الصبيح أنه لايوجد علم كافر وآخر مسلم ، وإنما توجد نظريات صائبة وأخرى خاطئة ، والأصل في العلم أن يكون صواباً متفقاً مع الشريعة، وإذا خالفها لم يكن علما، وانحط إلى مرتبة الجهل والضلال، فالأصل عدم وجود هذه التسمية لكنه يستدرك ويجيب على اعتراض المعترضين بما يلي:

  1. أننا نجد علوما مبنية على تصورات باطلة مخالفة للشريعة، وتُدَرَّس في بلاد المسلمين، وحيث أن البديل مازال في بداياته فلا بد من تمييزه في الوقت الحاضر عن ذلك التصور السائد، فالمبرر ظرفي فقط ، وإذا زال زال معه الحكم.
  2. لهذه التسمية وظيفة أخرى ، فهي: إصبع اتهام مشهور على علم النفس الآخر لايزال يذكّر بخطئه وينادي بالبديل.
أسلمة العلوم:
أول من أطلق هذه اللفظة جعفر شيخ إدريس في مؤتمر لعلماء الاجتماع المسلمين في أمريكا في منتصف السبعينات، وأول من نشره ”المعهد العالمي للفكر الإسلامي” تحت مصطلح (أسلمة المعرفة).واعتُرِض عليها بأن استخدامات (أسلم) في اللغة لاتساعد على ذلك ، فهي تأتي لازمة بمعنى أسلم الرجل أي دخل في الإسلام وأسلم بمعنى أسلف، وتأتي متعدية بمعنى فوّض فتقول أسلم أمره لله، وبمعنى خذل كقولك: أسلم صديقه للعدو، واستخدامها هنا لايصح لغة؛ لأنه يستخدم الفعل المتعدي بمعنى الفعل اللازم. وسبب الخطأ أن (الأسلمة) ترجمة للكلمة الإنجليزية Islamization (بمعنى: جعل الشيء مسلما!) وهي تركيب خاطئ في اللغة العربية كما تقدم.
وثمة اعتراض معنوي على المصطلح قدَّمه د. مقداد يالجن هو: أن العلوم لاتوصف بالإسلام لأن الإسلام يقتضي إرادة واختياراً من المسلم، والعلوم جامدة لاإرادة لها ولا اختيار(**) ونتيجة لتلك الاعتراضات تحول المعهد العالمي للفكر والمعرفة من هذا المصطلح بعد تبنيه إلى مصطلح (إسلامية المعرفة)
التأصيل الإسلامي:
في ندوة أقامتها جامعة الإمام عام 1407هـ تحت اسم (التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية) اعترض د.مقداد يالجن على مصطلح (الأسلمة) واقترح مصطلح (التأصيل الإسلامي)، وتمخض عن ذلك تكوين (لجنة التأصيل) ومازال هناك عدد يتبنون مصطلح التأصيل، إلا أن تلك الندوة أوصت بمصطلح (التوجيه الإسلامي للعلوم)! ويعرّفون التأصيل بعدد من التعريفات:
  • تعريف (محمد عثمان نجاتي): إقامة هذا العلم على أساس التصور الإسلامي للإنسان وعلى أساس مبادئ الإسلام وحقائق الشريعة الإسلامية.
  • تعريف (إبراهيم رجب): هو عبارة عن عملية إعادة بناء العلوم الاجتماعية في ضوء التصور الإسلامي للإنسان والمجتمع والوجود.
  • تعريف (لجنة التأصيل الاجتماعي): تأسيس تلك العلوم على ما يلائمها في الشريعة الإسلامية من أدلة نصية أو قواعد كلية أو اجتهادات مبنية عليها.
واعتُرِض على مصطلح التأصيل : بأن التأصيل هو البحث عن أصول.. فكيف نقول تأصيل وهذه العلوم موجودة. ورُدَّ عليه: بأن التأصيل قد يكون لترميم شيء قائم. قال الصبيح: "واعترض على المصطلح باعتبار أن تأصيل علم النفس هو البحث عن أصول شيء موجود، وهذا لاينبغي لأن الموجود من علم النفس يعارض الإسلام فلا يصح بحث أصول له في الإسلام، قالوا: ولو سلمنا أنه لابأس بذلك، فهو لايكفي إذ لابد من إيجاد بدائل وتصورات جديدة في علم النفس متفقة مع الإسلام.. وردّ على الاعتراض : بأن التأصيل معناه وضع أصل، ولايلزم منه أن يكون لماهو موجود، فربما كان لما لم يوجد." أ. هـ. بتصرف واختصار.
التوجيه الإسلامي:
الذي اقترح مصطلح (التوجيه) هو فؤاد أبو حطب وذلك عام 1398هـ ولم يلق اقتراحه قبولا، ثم أعاد طرحه في ندوة جامعة الإمام عام 1407هـ وقبل ، وأوصت الندوة بهذا المصطلح بل صارت المادة تقدم في جامعة الإمام بهذا الاسم..
ومفهوم الوجهة عنده مرادف للمصطلح الإنجليزي Paradigm ويبدو أنه أخذه من ”تومس كون” - فيلسوف غربي. - يقول كون: العلوم لاتبنى بالتراكم المعرفي ، إنما تبنى عن طريق (الإطار المعرفي) ، فقد يصل الباحثون إلى أزمة والحل هو وجود إطار معرفي جديد يقدمه علماء آخرون.. وهذا يسمى (الوجهة) .فالوجهة (Paradigm) يقصد بها (إطار معرفي).

================
(*) هذا الموضوع ملخص من كتاب (تمهيد في التأصيل) د. عبدالله الصبيح. (38-51)
(**) للشيخ بكر أبي زيد كلام عن مصطلح (الأسلمة) في كتابه ”معجم المناهي اللفظية” فليراجع هناك.

الكــاتــب

ليست هناك تعليقات:

أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة الباقي