مساحة اعلانية

موضوع عشوائي

آخر المواضيع

مدخل السمات في القيادة


نظريات القيادة (1)*

هنالك مداخل عديدة تتناول نظريات القيادة، من أبرزها: مدخل السمات، والمدخل السلوكي ، والمدخل الظرفي أو الموقفي، والمدخل التحويلي، والمدخل النفسي..
ونعني بالمدخل: اتجاه لدراسة القيادة ينبني على فلسفة ورؤية محددة، ويتكون غالباً من عدد من النظريات والدراسات المتراكمة.

وفي هذا المقال والمقالات التالية له سنتحدث - إن شاء الله - عن كل مدخل بإيجاز:

أولاً: مدخل السمات:
وهو أقدم المداخل النظرية في دراسة القيادة ، ويقوم على افتراض أنَّ القادة يولدون ولا يصنعون .
و السمات التي تتفق عليها أكثر الدراسات (الشميمري وآخرون1429هـ، ملائكة1427هـ، نياز1427هـ ، الحربي 1425هـ، الأغبري 2003، علي1423هـ) هي:
  1. الذكاء.
  2. والمبادرة.
  3. والثقة بالنفس.
  4. والشجاعة.
  5. ومهارات الاتصال.
ويضيف الباحث هنا سمة "الكارزمية"، والشخصية الكارزمية هي: الشخصية الآسرة الجذابة التي يحبها الأتباع، وينصاعون لآرائها طَوعاً، ويفرحون بلقياها ويأنسون بمجالستها، وهم مع هذا يهابونها ويخشون غضبها.

وفي دراسة مسحية قام بها ستوجديل Stogdill وحلل ١٦٣ دراسة في مدخل السمات القيادية تم إجراؤها بين عامي ١٩٤٨م، و ١٩٧٠م؛ حدد عشر خصائص لها علاقة بالقيادة(هاوس1427هـ):
  1. النزعة لتحمل المسؤولية وإنجاز المهام.
  2. المثابرة المستمرة في تحقيق الأهداف.
  3. الجرأة والأصالة في حل المشكلات.
  4. نزعة المبادرة في المواقف الاجتماعية.
  5. الثقة بالنفس والشعور بالهوية الشخصية.
  6. الاستعداد في قبول نتائج التصرفات والأفعال.
  7. الاستعداد لاستيعاب وتحمل الضغوط الشخصية.
  8. الاستعداد للتعامل مع حالات الإحباط والتأخير.
  9. القدرة على التأثير في سلوك الآخرين.
  10. القدرة على بناء نظم اجتماعية تفاعلية لتحقيق الأهداف المحددة.
ويميل الباحث إلى أن للقيادة سمات تُلاحَظ في شخصية القائد سواء ورثها جينياً أو اكتسبها أثناء تنشئته الاجتماعية؛ إلا أن الصفات الوراثية ليست المقياس الوحيد لاكتشاف القادة والتعرف عليهم.

ويشهد لنظرية السمات التاريخُ والواقع:

حيث حفظ لنا التاريخ تكرارَ وتوارث القيادة في بعض العائلات والقبائل والشعوب..
إنَّ أسمى مراتب القيادة هي "النبوة" ، وقد اختار الله سبحانه أن تكون النبوة في سلسلة وراثية بدءاً من نبينا إبراهيم عليه السلام حيث جعل الله النبوة في ذريته، قال تعالى:((أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا)) [مريم/58] ثم كان لآل عمران خصوصية تميزوا بها عن ذرية يعقوب عليه السلام، كما يدل عليه قول الله تعالى:((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحاً وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)) [آل عمران: ٣٣ ] ولما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كان العامل الوراثي حاضراً في مشهد الاصطفاء قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» (النيسابوري ت261هـ، ط1410هـ، ج11 ص380).
ثم يأتي الأمر الرباني بحصر القيادة العظمى في قريش ففي مسند الإمام أحمد (ابن حنبل ت241هـ، ط1410هـ، ج 36 ص52) عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الْخِلافَةُ فِي قُرَيْشٍ» وفيه عن عبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعشرٍ من قريش: «أما بعد يا معشر قريش! فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله ، فإذا عصيتموه بعث إليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب - لقضيب في يده» (الألباني، 1412هـ ،ج 4 ص126)
وهكذا كانت القيادة قروناً متتابعة في قريش، حتى انتقلت إلى العثمانيين وتوارثوها قروناً أخرى..
وعلى المستوى الشخصي يلاحَظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أبا ذر عن الإمارة والولاية حيث رآه ضعيفا مع أنه قال عنه: «مَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ وَلا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» (الترمذي ت279هـ، ط1410هـ، ج12 ص 279).
وقصة طالوت تسند هذا الباب لأن نبي بني إسرائيل احتج بسمات طالوت الجسمية: ((قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة/247] قال ابن كثير: (ت774هـ، ط1418هـ) «ومن هاهنا ينبغي أن يكون المَلِك ذا علم وشكل حسن وقوة شديدة في بدنه ونفسه». (ج 1ص666)
وقال ابن سعدي (1408هـ) : «فضَّله عليكم بالعلم والجسم، أي: بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك، لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المصيب، حصل بذلك الكمال، ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي، حصل في الملك خرق وقهر ومخالفة للمشروع، قوةٌ على غيرِ حكمة، ولو كان عالماً بالأمور وليس له قوةٌ على تنفيذها لم يفده الرأي - الذي لا ينفذه - شيئاً»(ج 1 ص107).

وفي واقع الحال عندما يتأمل المنصف يجدُ أنَّ المجتمع بيوتات، فهذه عائلة تجد في أبنائها النجابة وسمات القادة، وتلك أخرى تجد أبناءها رضوا بأن يكون تابعين لغيرهم، وهكذا..


إلا أن السمات القيادية وحدها لاتكفي لنجاح القائد:
وقد حفظ لنا التاريخ قادة لاينازَع في سماتهم وقدراتهم القيادية ومع هذا لم يتحقق لهم ما أرادوه في أتباعهم..
فهذا موسى عليه السلام قائدٌ فذٌّ أنقذ بني إسرائيل من فرعون وملئه، لكنه لم يستطع أن يدخل بهم بيت المقدس لا نقصاً فيه، بل في أتباعه الذين تربوا على الذل والهوان زمن فرعون، فلم يستطع موسى عليه السلام تحقيق النصر الذي كُتِب لهم! بينما استطاع فتاه يوشع بن نون عليه السلام أن يقود أبناءهم الذين تربوا في التيه، ويدخل بهم بيت المقدس..
وهذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه قائدٌ لا يُشَق له غبار بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ» (البخاري ت256هـ، ط1420هـ، ج10 ص94) يقولُ لقومه أهلِ العراق: «وإني والله لأحسب أن هؤلاء القوم سيظهرون عليكم ، وما يظهرون عليكم إلا بعصيانكم إمامكم وطاعتهم إمامهم ، وخيانتكم وأمانتهم ، وإفسادكم في أرضكم وإصلاحهم ...». (أبو الفتوح 1421هـ، ص ص 84، 87)

نقاط القوة في مدخل السمات(هاوس١٤٢٧هـ):
  1. ينسجم المدخل مع التصور السائد أن القادة لهم مميزات ليست موجودة في غيرهم.
  2. مضى على هذا المدخل قرن من الزمان وأنتج مئات الدراسات والأبحاث التي تشير إلى أنه أهم مدخل نظري لدراسة القيادة.
  3. القيادة تتألف من القائد والأتباع والمواقف، ومدخل السمات يلفت انتباهنا إلى الاهتمام بالقائد وبحث صفات شخصيته.
  4. قدّم لنا بعض المقاييس المعيارية لتحديد مَن هو أهل للقيادة، فهو بهذا يساعد المنظمات على تعيين الأكفاء للإدارات العليا.
نقاط الضعف في مدخل السمات(هاوس١٤٢٧هـ):
  1. فشل هذا المدخل في وضع قائمة حصرية بالسمات القيادية.
  2. لم يأخذ المواقف بعين الاعتبار.
  3. فشل هذا المدخل في ربط السمات بمخرجات القيادة، وتأثيرها في مجموعات العمل.
  4. لا يفيد هذا المدخل في التدريب على القيادة وتطويرها، فلو افترضنا قدرتنا على تحديد سمات قيادية معينة، فإنه ليس من السهل التدريب عليها، لأن السمات لا تتغير بسهولة.

===============
* المقال في الأصل جزء من البحث التكميلي لنيل درجة الماجستير في الإدارة التربوية من جامعة الإمام.

المراجع:
  • أبو الفتوح، خالد (1421هـ). رؤية في مسيرة العمل الإسلامي. مجلة البيان، (155)، 84-87 .
  • ابن حنبل، أبو عبدالله أحمد بن محمد (1410هـ). مسند الإمام أحمد. بيروت: دار الكتب العلمية
  • ابن سعدي، عبدالرحمن ناصر (1408هـ). تيسير الكريم الرحمن. جدة: دار المدني.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر (1418هـ). تفسير القرآن العظيم. الرياض: دار طيبة.
  • الأغبري، عبدالصمد قائد (2003م). تأثير الإنجاز الأكاديمي وبعض المتغيرات في الأنماط القيادية لدى عينة من مديري مدارس التعليم العام بالمنطقة الشرقية المملكة العربية السعودية. المجلة التربوية، 17 (66)، 147-179.
  • الألباني، محمد ناصر الدين (1412هـ). السلسلة الصحيحة، الرياض: مكتبة المعارف.
  • الترمذي، محمد بن عيسى (1410هـ). سنن الترمذي، بيروت: دار الكتب العلمية.
  • الحربي، قاسم عائل (1425هـ). القيادة المدرسية في ضوء اتجاهات القيادة التربوية الحديثة. الرياض: مكتبة الرشد.
  • الشميمري وآخرون (١٤٢٩هـ). مبادئ إدارة الأعمال الأساسيات والاتجاعات الحديثة، الرياض: العبيكان، ط٥.
  • النيسابوري، مسلم بن الحجاج (1410هـ). صحيح مسلم. بيروت: دار الكتب العلمية.
  • ملائكة، عبدالعزيز (١٤٢٨هـ) مبادئ ومهارات القيادة والإدارة، مكة: المؤلف.
  • نياز، هاجر حبيب الله (1427هـ). الكفايات الأساسية لمديرات مدارس التعليم العام الأهلي في مدينة الرياض، بحث تكميلي غير منشور لنيل درجة الماجستير من قسم التربية، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.
  • هاوس، بيترج نورث (١٤٢٧هـ) القيادة الإدارية النظرية والتطبيق، ترجمة: المعيوف، صلاح معاذ، الرياض: معهد الإدارة.

الكــاتــب

هناك 6 تعليقات:

  1. يعطيك الف الف الف عافية ..فعلا مرا استفدت من الموضوع

    وحابه انك تستمر
    وجزاك الله خير  

    ردحذف
  2. وإياك..
    سعيد بمرورك.. وكلماتك الطيبة

    ردحذف
  3. بارك الله فيكم وبجهودكم لنشر العلم وادام الله عزكم

    ردحذف


  4. ممكن اعرف نمط شخصيه محمد مرسى هل هو المدافع isfj
    وهل يجوز ان أسال عن نمط سيدنا محمد رسول الله المعصوم من الخطأ اعلم انه ليس هناك نمط يوازيه ولكن بصفه مبدئيه لو كان مسموح ان اعرف النمط ارجوك افيدنى

    ردحذف
  5. يصعب الإجابة على هذه الأسئلة :)

    ردحذف

أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة الباقي